تطرح الكاتبة رامزنا وادي في مقال رأي  سؤالًا صادمًا حول دور الأمم المتحدة في القضية الفلسطينية، معتبرة أن المنظمة الدولية لم تكن يومًا نصيرًا حقيقيًا للفلسطينيين، بل ساهمت تاريخيًا في ترسيخ المشروع الصهيوني الاستعماري، وصولًا إلى التواطؤ مع الإبادة الجارية في غزة.

 

يربط ميدل إيست مونيتور هذا النقد الحاد بسياق عرض الفيلم الوثائقي صوت هند رجب داخل مقر الأمم المتحدة في نيويورك، بوصفه نموذجًا صارخًا للنفاق السياسي الذي تمارسه المؤسسة الدولية تجاه فلسطين.

 

الأمم المتحدة.. من شرعنة الاستعمار إلى تجميل الجريمة

 

ترى وادي أن عرض فيلم يوثّق مقتل الطفلة الفلسطينية هند رجب داخل مقر الأمم المتحدة لا يمكن فصله عن التاريخ الاستعماري للمنظمة نفسها، التي مهدت منذ تأسيسها الطريق للأيديولوجيا الصهيونية كي تنشئ كيانها الاستعماري في فلسطين. تسأل الكاتبة بوضوح: كيف يمكن لمنظمة منحت الشرعية لهذا الاستعمار أن تكون منصة أخلاقية لسرد معاناة ضحاياه؟

 

تؤكد المقالة أن الأمم المتحدة لم تكتفِ بالعجز، بل لعبت دورًا فاعلًا في حماية السردية الأمنية الإسرائيلية، حتى مع وصول العدوان إلى مستوى الإبادة. وتشير إلى أن لجان الأمم المتحدة، بما فيها لجنة ممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، لم تتجاوز إطار الخطاب الرمزي والقرارات غير الملزمة، التي لم توفّر حماية حقيقية للفلسطينيين، ولا حتى لطفلة محاصَرة تحت وابل من الرصاص.

 

وهم حل الدولتين واستدامة الإبادة

 

تنتقد وادي اعتماد الأمم المتحدة المستمر على خطاب “حل الدولتين”، معتبرة إياه أخطر الأوهام السياسية التي منحت غطاءً أخلاقيًا ودبلوماسيًا لجرائم إسرائيل في غزة. توضح أن هذا الخطاب لا يخدم التحرر الفلسطيني، بل يكرّس بنية استعمارية تسمح لإسرائيل بمواصلة القتل والتهجير تحت ستار العملية السياسية.

 

تستحضر الكاتبة مأساة هند رجب، التي قُتلت بعد ساعات من الاستغاثة داخل سيارة استهدفها جنود إسرائيليون، باعتبارها رمزًا لفشل النظام الدولي بأكمله. وترى أن بقاء صوت هند في الذاكرة يعود فقط إلى توثيق لحظات احتضارها، بينما قُتل آلاف الأطفال الآخرين تحت القصف أو الأنقاض من دون أن يُسمع لهم صوت أو يُسجَّل لهم أثر.

 

استغلال المعاناة الفلسطينية وتدنيس الذاكرة

 

تذهب المقالة إلى أن استضافة الأمم المتحدة لأفلام وفعاليات عن فلسطين لا تمثل تكريمًا للضحايا، بل استغلالًا لمعاناتهم ضمن برامج ومؤتمرات تخدم صورة المنظمة أكثر مما تخدم الفلسطينيين. تعتبر وادي أن عرض فيلم عن هند رجب في مقر أممي استغرق قرابة عامين للاعتراف بوقوع إبادة في غزة لا يحمل أي شرف، بل يشكّل إهانة جديدة لذاكرة الضحايا.

 

تؤكد الكاتبة أن الأمم المتحدة أسهمت عبر الصمت أو الموافقة الضمنية في ارتكاب جرائم حرب وانتهاكات جسيمة للقانون الدولي، عبر تبنيها المستمر للسردية الأمنية الإسرائيلية وامتناعها عن اتخاذ أي إجراء فعلي رادع. وتدعو إلى التوقف عن التعامل مع المنظمة ولجانها بوصفها رموزًا لحقوق الإنسان، لأن دورها الفعلي، بحسب المقال، اقتصر على إدارة الجريمة لا وقفها.

 

تختم وادي مقالها بالتأكيد على أن هند رجب استحقت جمهورًا أفضل ومنصة لا تشرعن السياسات الإبادية التي أدت إلى مقتلها، معتبرة أن السؤال الجوهري سيظل مطروحًا: ماذا فعلت الأمم المتحدة لفلسطين، سوى أنها ساعدت الصهيونية على استعمارها؟

https://www.eurasiareview.com/26122025-gaza-why-the-delay-oped/